تأثيرات سوء التّغذية في التّحصيل الدّراسيّ

Lesson-from-the-son
الصَّبر والحكمة في تربية الأولاد
January 28, 2015
pharmacy
صيدلية التربية لكل بيت
October 6, 2015
Show all

تأثيرات سوء التّغذية في التّحصيل الدّراسيّ

يعتبر موضوع التّغذية السَّليمة من الأمور المهمّة لنموّ الإنسان واستمرار حياته، فالغذاء هو مصدر الطّاقة، والمساعد على القيام بالوظائف الطبيعيَّة للجسم، فضلاً عن دوره البارز في مقاومة الأمراض. وإذا كان الغذاء بهذه الأهميَّة للإنسان بشكل عامّ، فماذا عن خصوصيّته وأهميّته بالنّسبة إلى الأطفال؟

يعاني الأهل غالباً مع أطفالهم في موضوع الغذاء، إمَّا بسبب امتناعهم عن تناول الطّعام الكافي والمتنوّع، أو بسبب إفراطهم في تناول الأطعمة غير الصّحيَّة وغير المفيدة. ولعلَّ أهمّ الأسئلة التي تُطرَح: ما هي احتياجات الطّفل الغذائيّة اليوميّة؟ وهل هناك تأثير لسوء التّغذية في التَّحصيل الدّراسيّ لأطفالنا؟

النّمط الغذائيّ ومعدّل الذكاء

تشير الاختصاصيَّة في علم التّغذية، السيّدة عبير الخنسا، إلى أنَّ الدّراسات الحديثة أكّدت وجود رابط مهم بين معدّل الذّكاء والنّمط الغذائيّ عند الأطفال، وبخاصّة أنَّ الجينات تسهم بنحو 20-40٪ فقط من الذّكاء في مرحلة الطّفولة.

وتضيف: "يسهم النّمط الغذائيّ والبيئة بنسبة 50% من الذّكاء، كما أنَّ الأطفال والرضّع الَّذين يعانون سوء التغذية، أكثر سوءاً في اختبارات الذّكاء من الأطفال والرّضّع الّذين حصلوا على تغذية كافية، لذا، على الأهل تقديم الغذاء المناسب لأطفالهم، من أجل تقوية جسمهم وعقلهم، وتعزيز الأداء العقليّ لديهم في مراحل الطّفولة كافّة، فالطّفل يحتاج إلى الحليب في السَّنوات الأولى من عمره، لاحتوائه نسبةً عالية من الدّهون الّتي تساعد على نموّ الأنسجة الدّماغيّة، كذلك يحتوي على البروتين الَّذي يزيد من نموِّ أنسجة الجسم، إضافةً إلى الفيتامينات والمعادن وغيرها من العناصر المهمّة الّتي تقوّي مناعة الجسم، وتساهم في تكوين الدِّماغ. ولهذه الدّهون مصادر أخرى، مثل الأفوكا، وجوز الهند، وزيت السّمسم، وزبدة الفستق، وزيت السّمك، وجميع مشتقات الحليب الكاملة الدّسم".

على الأهل تقديم الغذاء المناسب لأطفالهم، لتقوية جسمهم وعقلهم، وتعزيز الأداء العقليّ لديهم

وتتابع: "الطّفل الّذي يعاني السّمنة في السَّنتين الأولى والثّانية من حياته، يبدو أكثر عرضةً لمواجهة هذه المشكلة طيلة حياته، وتزيد احتمالات إصابته بالأمراض المزمنة المرتبطة بها، كالسّكري، والسّرطان، وارتفاع الضَّغط ومستويات الدّهون في الجسم، وأمراض القلب، وخصوصاً أنَّ الطّفل يعتاد مذاقاً معيّناً إذا أعطيناه إيّاه في السنوات الأولى، إلا أنّه يمكن التحكّم بهذه الأمور، بالحدِّ من الأطعمة غير الصّحّيَّة في السّنوات التالية".

العقل السَّليم في الجسم السَّليم

يؤكِّد المشرف الصّحّي في مؤسَّسات أمل التربويّة، الدّكتور أحمد جمعة، أهميَّة الغذاء المتوازن للطّفل، من أجل النموّ الذّهنيّ والعقليّ الطّبيعيّ، مشيراً إلى أنَّ سوء التَّغذية للطّفل تبدأ من ساعات الحمل الأولى للأمّ، في حال لم تتناول الغذاء المتوازن والمتنوّع الّذي يلبّي احتياجاتها واحتياجات الجنين.

وعلى قاعدة "العقل السَّليم في الجسم السَّليم"، يشدّد الدكتور جمعة على أهميَّة تناول الأطفال وجبات غذائيّة متنوّعة ومتكاملة، من أجل تفادي أيِّ نقص في الفيتامينات الأساسيّة الّتي يحتاجها في نموّه الذهنيّ والعقليّ، مولياً أهميّةً كبرى لوجبة الفطور، الّتي تعتبر مهمَّةً جدّاً لتوازن الجسم ونموّه. ويوضح بالقول: "وجبة الفطور أساسيّة بالنّسبة إلى الأطفال، وتحديداً الطّلاب، في تحصيلهم العلميّ. وتشير الإحصاءات إلى أنَّ 50% من الطلاّب يذهبون بمعدةٍ خاويةٍ إلى مدارسهم، بحسب تقارير العيادات الصحّيّة المدرسيّة، وهم غالباً ما يكون وجههم شاحباً، ويعانون وجع البطن، وعدم القدرة على التركيز، وقد يصل الحدّ إلى درجة الشّعور بالدَّوخة، بسبب عدم تناول الطّعام عند الاستيقاظ".

ويلفت الدّكتور جمعة إلى أنَّ عدم تناول أطفالنا وجبة الفطور قبل الذّهاب إلى المدرسة، يؤدّي إلى نقصٍ في السّكّر، ما يجعل الطالب غير قادرٍ على التركيز، الأمر الَّذي يؤثّر في أدائه الدّراسيّ، كما قد يؤثّر ذلك قبل السّتّ سنوات في نموّ الوصلات الدّماغيّة المسؤولة عن الفهم والتركيز والاستيعاب".

نصائح مهمَّة للأهل

تختلف حاجات الطّفل اليوميّة إلى الطاقة، حسب الفئة العمريّة التي ينتمي إليها:

العمر

الحاجة اليوميّة من الطّاقة

5-4

1200-1600

6-8

1600-1800

9-17

1800-3200

تنصح اختصاصيّة التغذية عبير الخنسا الأهل باتباع العادات الصحّيّة التالية:

· زيادة حصص الخضر والفاكهة بمعدّل 5 حصص يوميّاً.

· انتقاء الأطعمة الغنيّة بنوع البروتينات المفيدة، كاللّحوم الهبرة، والبيض، والمكسّرات النيئة، كالجوز واللّوز والفستق، على أن تعطى المكسّرات بعد أن يصبح الولد في الثانية من العمر.

· انتقاء النّشويات المرتكزة على الحبوب الكاملة، كالخبز الأسمر، أو خبز الشّوفان، أو خبز النخالة.

· شَيُّ الأكل أو طهوه بمختلف الطّرق الصحيَّة، بدلاً من القلي.

· عدم شراء المأكولات الغنيّة بالدّهون المشبّعة، والسّكّر، والملح، فهي لا تحتوي على نسبة جيّدة من الفيتامينات والمعادن، كالتشيبس والشوكولا والسّكاكر.

· تقديم الحليب أو الماء، بدلاً من المشروبات الغازيّة والعصير المحلّى.

· عرض الأكل الصحّيّ بطريقة جميلة وشهيّة، حيث تطغى الألوان الفرحة على الأطباق في طريقة تقديمها، حتى يرغب فيها الطّفل بشكلٍ أفضل.

· عدم استعمال الدّهون، كالسّمنة والزّبدة، في الطّهو.

· عدم شراء أطعمة غير صحّيّة، وعدم اقتنائها في المنزل، إذ إنّه من الأفضل أن يتناولها الطّفل في المناسبات.

· أن يكون الأهل هم القدوة في هذا المجال، أي أن لا يمارسوا عادات غذائيّة غير سليمة أمام الأطفال.

· من المستحسن أن يمارس الطّفل الحركة الجسديّة بمعدّل ساعة في اليوم على الأقلّ، بحسب التوصيات الأميركيّة.

· ضرورة الحدّ من فترات مشاهدة التلفزيون، واللّهو بالألعاب الإلكترونيّة والكمبيوتر، لأنَّ الطّفل يميل إلى الكسل بهذه الطّريقة.

على الأهل تعويد الطّفل على الجلوس إلى مائدة الطعام بجوّ من الألفة والمحبَّة

تأثيرات تربويّة

يلفت الدكتور أحمد جمعة إلى أنَّ سوء التّغذية عند الطّفل ليس أمراً عرضيّاً يمرّ به الطفل وينتهي الأمر، مشيراً إلى جملةٍ من الأمور المترابطة الّتي تبدأ من الخمول الَّذي يسبِّب عدم التركيز، الّذي يؤدّي بدوره إلى التشتّت، ومن ثمّ عدم القدرة على التركيز، الأمر الّذي قد يؤدّي إلى تسرّب مدرسيّ، وربما يصبح الطّفل إنساناً غير سويّ، يرتكب الجريمة، وبذلك نصبح في مجتمع فاسد.

ويؤكّد جمعة ضرورة أن يتحمَّل الأهل مسؤوليَّة أبنائهم، وأن يتابعوهم منذ الصّغر، من خلال تكريس العادات الغذائيّة الصَّحيحة، وتعويدهم على الجلوس إلى مائدة الطّعام، في جوٍّ من الألفة والمحبَّة، محذّراً من خطورة إيكال هذه المهمّة إلى الخدم، أو ترك الأطفال يأكلون أمام شاشة التلفاز.

العادات الغذائيّة هي الأساس

تشدّد السيّدة عبير الخنسا على أهميّة ترسيخ العادات الغذائيّة الصّحّيّة، ونمط الحياة الصّحّيّ عامّةً منذ الطّفولة، مؤكّدةً أهمّية إعداد طفل يتبع نمط حياة صحيّة، والعمل على تثقيفه ضمن هذا الإطار، ليحسن التَّمييز بين الصّحّ والخطأ في كلِّ الأوقات، فلا يعود الاختيار صعباً له في المستقبل.

وتشير الخنسا إلى أهميّة التّعاون بين الأهل والمدرسة، لترسيخ العادات الغذائية الصّحّيّة، وبخاصّة أنَّ بعض المدارس تعمل على التحكّم في ما يباع في دكّان المدرسة، حتى لا يقدّم مأكولات غير صحّيّة.

وفي الختام، أعزائي القرّاء، لا بدَّ من التأكيد أنَّ اكتساب العادات الصحّيّة، واتّباع نظام غذائيّ سليم، والحفاظ على معدّل جيّد من مستوى الحركة البدنيّة، يساعد على تنمية الولد بطريقة سليمة، ويحافظ على صحّته، وعلى نموّه العقليّ السَّليم، ويحدّ من التأثيرات السّلبية لسوء التغذية في تحصيله العلميّ.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. المعلومات الضرورية مشار اليها ب *

You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>